[b]جميل بشير
قال عنه موسيقار الشرق محمد عبد الوهاب انه أفضل عازف في الشرق الاوسط , وتعتبر شهادة عبد الوهاب لجميل بشير بمثابة وسام علي صدره وكان لهذا التصريح مفعول السحر في حياة جميل بشير ولعل هذا الراي الصريح الدقيق قد ترك في نفس جميل بشير كل اعتزاز وافتخار ودافع طيب لمزيد من الابداع الفني لجميل بشير.
حول الموسيقار الفذ
ولد الموسيقار جميل بشير في مدينة الموصل عام 1921 وتوفي في لندن بتاريخ 27/9/1977م بدأ بتعلم آلة العود منذ صغره متأثراً بجو عائلته الموسيقي حيث كان والده عازفا وصانعا لآلة العود وعند تأسيس معهد الفنون الجميلة جاء الموسيقار جميل بشير إلى بغداد وأنتسب للمعهد المذكور وكان من ضمن الدورة الأولى التي باشرت بالدراسة. درس الأستاذ جميل بشير آلة الكمان على يد الموسيقار الروماني ساندو آلبو ودرس آلة العود على يد الموسيقار الشريف محي الدين حيدر بن علي، حيث تخرج عام 1943 من فرع العود و عام 1946 من فرع الكمان وتعين في المعهد عام 1943 لتدريس آلة العود ومساعدا لتدريس آلة الكمان ، كان الفنان الراحل جميل بشير من الطلاب المتميزين في المعهد يقول عنه الأستاذ فؤاد ميشو في مجلة أقلام مهجرية :
كنت أنا عازف الكمان الأول وكان جميل بشير عازف الكمان الثاني ,إلا أنه بعد فترة وجيزة تفوق المرحوم جميل عليَ واصبح هو العازف الأول وأنا العازف الثاني, وكان المرحوم جميل رائعا فريدا جداً وله ( تون ) نظيف وبعد تخرجه عُين مدرساً في نفس المعهد كما ساهم بظاهرة من أرقى الظواهر التربوية والتي كانت موجودة في العراق خلال الخمسينيات والى منتصف الستينيات ألا وهي ظاهرة – النشاط المدرسي – وله كتاب ثانٍ عنوانه (( مجموعة الأناشيد المدرسية الحديثة )) يتضمن 46 نشيدا مدرسيا وهي من ألحانه هذا على صعيد النشاط التربوي الأكاديمي والمدرسي . أما على صعيد الاِذاعة والتلفزيون فكان الأستاذ المرحوم جميل بشير رئيسا للفرقة الموسيقية وقسم الموسيقى ، والمتأمل والمتابع لتسجيلات الإذاعة العراقية خصوصا في فترة الخمسينيات من القرن الماضي ، يندهش من التواجد المكثف لصوت كمان الأستاذ جميل بشير مُصاحباً لجميع المطربين العراقيين فمن الأستاذ محمد القبانجي و تلامِذته ( ناظم الغزالي ، يوسف عمر، عبد الهادي البياتي وغيرهم) إلى سيدات الغناء العراقي من أمثال زهور حسين وصديقة الملاية الخ ، إلى المطرِبات العربيات من أمثال نرجس شوقي ونادرة وغيرهن .
جمع الأستاذ
ا جميل بشير في عزفِه على آلة الكمان ما بين إحساس العزف الشرقي وتقنية العزف الغربي مُضافاً إليها استيعاب الموروث النغمي من المقام العراقي والنغم الريفي .. الخ
استطاع هو وزميلهُ الأستاذ غانم حداد أن يؤسسا ملامح المدرسة العراقية في العزف على آلة الكمان بل يعُدان كلاهما من أبرز عازفي مدرسة الكمان العربية الحديثة. من الملامح البارزة في حياة الفنان جميل بشير ما قام بهِ مع المرحوم الأستاذ ناظم الغزالي من تعاون مشترك لإعادة تسجيل قسم من الأغاني العراقية التراثية بعد عمل نوع من إعادة وإضافة وتطوير ووضع مقدمات لهذهِ الأغاني وقامت شركة جقماقجي للأسطوانات بعملية التسجيل فكانت بحق من التجارب الرائدة في هذا المجال، والتي كان صداها كبيرا ليس فقط في العراق وإنما في العالم العربي.
إن مدرسة العود البغدادية لا تُذكر إلا والأستاذ المرحوم جميل أحد أركانها المتميزون، فأسلوبه في العزف شاعري متسم برقة وعذوبة مع إستخدام مهذب ومعبر للمِضراب ( الريشة) ، مع إستخدام أمثل للمواضع مع حساسية مفُرطة في إستخدام الزحف على رقبة العود عند تغيير المواضع ،مع تمكن كبير في الإرتجال الموسيقي يدل على تفهم وتملك لناصية النغم
قال عنه الأستاذ محُمد بوذينة في موسوعته الموسيقية: (( وهو لا شك أحد كبار أساتذة الموسيقى المعدودين في الوطن العربي ومن الذين اشتهروا ببراعتهم في العزف على العود بالأسلوب المعروف في العراق إََضافة إلى إجادة العزف على آلة الكمان شرقي وغربي .))
لقد لا حظت ان عود جميل بشير (الله يرحمه) دوزانه اعلى من العود العراقي الكلاسيكي بمعنى :
العود العراقي دوزانه :
فا
دو
ري
صول
دو
فا
عود جميل بشير تقريبا دوزانه :
فا #
دو#
ري #
صول #
دو #
فا #
يعني باختصار عوده زائد - على الاقل - نصف بعد عن العود العادي
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو : كيف لعود ذو فرسة ثابتة ان يتحمل قوة شد اوتار مماثلة و كيف هذا لم يظر بعود جميل بشير ...؟
باعتبار ان عوده هو من نفس نوع عود الشريف محي الدين حيدر الذي كان يستعمل دوزان هابط
امر اخر :
لماذا كان جميل بشير يشد وتر الباص في اسفل العود ؟
عبد الجبار العتابي من بغداد يقول :
اسم .. لاتغفله الذاكرة ، ولا يتجاوزه الانتباه ، بل ان القلب والاذن والروح يصغون اليه ، وهو يغمرهم بالعذوبة ، انه الاسم المميز لموسيقار عراقي كبير ، نقش حروفه بماء الذهب على كتاب الزمن ، وترك اصابعه تموسق اوتار الحنين والشوق لترن في صميم غيوم الدهشة وتجعلها تنهمر متعة واحساسا بالجمال ، اسم .. وان كانت السنوات تركض فهو ثابت على صدرها ،لا تزحزحه عنها المتغيرات ولا طوارق الازمنة ، وتظل موسيقاه تعبق بأنغامها ، انه الموسيقار جميل بشير ، الموصلي المولد (عام 1921 ) والراحل في لندن عام 1977 ، وبين هذين التاريخين اللذين بينهما تمتد (56) عاما ، تنم عن رحيل مبكر لمبدع مميز ، جميل بشير رسم لنفسه توهجات لايمكن لاحد ان لا يراها بأحساسه ومشاعره ، فقد كان (العود) أداته التي دون عليها ابداعاته ومنجزاته وسحر موهبته ، دوّن عليها ما يجيش في صدره بعد ان يشعر انه يستحق ان يولد ليسمعه الناس ، فكان (احد اعمدة المدرسة البغدادية الحديثة للعود التي ارسى الشريف محي الدين حيدر قواعدها في الثلاثينات ليكون احد ابرز ثلاثة عازفين على العود (جميل بشير –منير بشير- سلمان شكر .
خبر وفاته كان مفاجأة ونزل كالصدمة على قلوب عشاقه ومريديه واهل الغناء والموسيقى الذين يعرفون قيمة ما قدمه للاغنية العراقية ، نقلته وكالة الانباء الفرنسية وجعلت موج الاحزان يتلاطم ، فليس هنالك من لايعرف جميل بشير الفنان الذي امتلأت حياته بالموسيقى ، وصارت الانغام تحلق كالطيور من غرف قلبه وشرفات روحه ، واستطاع ان يبرع في ايصال الموسيقى الشرقية الى العالم ، وما زلت احتفظ بنسخة من مجلة (الاذاعة والتلفزيون التي نعته بعنـــــوان قالت فيه :ـ " رحل جميل بشير وهو يعزف من اجل بغداد .
جميل بشير الذي .. وان لم يغب عن الذاكرة ، الا انه غاب عن استذكار المؤسسات الثقافية ، لم يعد هنالك من يمر على ذكرى رحيله ، او يعطي لمقطوعاته الموسيقية فسحة على الشاشة او الاثير ، وهو رمز من رموز العراق الثقافية التي يفتخر بها .
في كل ذكرى سنوية على رحيله .. لابد ان نستذكره ، نستذكر شيئا من مسيرة حياته التي نعرف منها انه ولد وترعرع في بيئة مفعمة بالفن ، فتعلم العزف على العود تأثرا بوالده الذي كان يعزف عليه ، ثم صار يغني ما يسمعه من الاسطوانات التي يقتنيها ابوه ، وهذه النشأة في بيت بشير تربى عليها ثلاثة من ابنائه (جميل ومنير وفكري) وكانوا بارعين في حب الموسيقى ، ونقرأ في سيرته ايضا انه :
( درس النوتة العربية مع احد اساتذة الموسيقى في الموصل ، وفي عام 1937 سمعه وهو يعزف على العود في بغداد وزير المعارف ومدير المعارف آنذاك ، بدعوة من المرحوم حنا بطرس ، ثم عين بعدها في الاذاعة براتب قدره ستة دنانير ، بعد ذلك افتتح في بغداد معهد خاص للموسيقى كان مديره الاستاذ الشريف محي الدين حيدر وقد درس جميل في سنته الاولى على آلة الكمان وحصل على درجة امتياز ، لكنه احب العود واحب سماع صوته وهو يعزف من قبل استاذه الشريف محي الدين ، ولم يخف رغبته بتعلم العزف على آلة العود فطلب الى استاذه ان يدرسه هذه الالة خاصة وان صوتها يدخل الى اعماقه واحاسيسه ، ورحب الشريف بفكرة جميل واخذ يدرسه العزف على العود وهكذا انتهت السنة السادسة وهو يدرس العود ، ثم عين مساعدا لاستاذه في المعهد الموسيقي وعازفا في الاذاعة ورئيسا لفرقة ثم رئيسا لقسم الموسيقى في الاذاعة ، وهو يعتبر اول عازف واول مؤسس لقسم الموسيقى في الاذاعة العراقية واول من اسس فرقة موسيقية للاطفال ، وبدأ جميل عام 1952 بممارسة التدريس ، وقدم حفلات كثيرة للوفود التي كانت تزور العراق آنذاك حتى احيل على التقاعد عام 1968 ، وله كتاب مؤلف بجزءين يدرس في تركيا والقاهرة ، وله قيمة موسيقية عالية ، والكتاب عن اصول تعلم العزف على آلة العود عنوانه (العود وطريقة تدريسه) وكان الراحل يعبر عن حبه للآلة العود وبأنها لايمكن ان تنتهي ، الا انها بحاجة الى التطور باستمرار ، فكان اول من اسهم في تطويرها وذلك بأضافة وتر اضافي لها ، وقد كان الراحل لايعتقد بوجود موسيقى شرقية وغربية ، بل كان يذكر (ان هناك موسيقى تنبع من الشرق فقط خاصة ما بين النهرين) ، وكان يردد دائما (ان الكثرة او القلة ليست مقياسا لنجاح فنان) ، وهو لذلك لم يقدم على تسجيل عمل فني ما لم يكن راضيا عنه تماما ، لذلك صرح في احدى المرات من عام 1971 بعد ان اتهمته مجلة (الاذاعة والتلفزيون) البغدادية بأنه لم يقدم شيئا للاغنية بأن لديه الحانا غنائية ولكنه بحاجة الى من يؤديها حتى يستطيع ان يعطيه اياها) .
هذا جزء بسيط من سيرة ثرية ورحلة فنية مفعمة ، ولكن يجب استطلاع رأي اهل الاختصاص في ما قدمه للموسيقى العربية وقيمتها الفنية .
يقول الناقد الموسيقي المعروف عادل الهاشمي :
جميل بشير احد تلاميذ العازف الكبير الشريف محي الدين حيدر ، وهو يكاد يكون انبغ التلامذة من حيث قدراته الفنية ، وجميل بشير ايضا هو احد عازفي مدرسة العود التركية التي انشأها الشريف حيدر عندما جاء الى بغداد عام 1936 حيث انشأ معهد الفنون الجميلة وصار الشريف حيدر اول مدير لهذا المعهد في بغداد ، وهذه المدرسة التركية تتلخص في ان العزف على العود هو محاولة لنقل التقنية العزفية الغربية الى آلة العود العربية ، وهذه المدرسة تحاول ان تعطي لهذه التقنية مساحة عزفية تغلب على الطابع التقليدي للعود العربي ، وهي بالمقابل تؤثر ان يكون للعود طريقته في التعبير ، بمعنى انها لاتعزف على الطريقة المصرية ، بينما هي نؤثر العزف على الطريقة التركية ، وهي طريقة فيها قدر من الحساب الرياضي ، تعزف بالطريقة المقلوبة وليست الاعتيادية المصرية ، وعليه فهناك طريقتان للعزف : التركية والمصرية ، جميل بشير آثر الطريقة التركية وكان بارعا غاية البراعة في نقل افكار الشريف محي الدين حيدر ، لكن جميل لم يستمر في الاتجاه تماما انما التفت الى الطريقة العربية في العزف على آلة العود حيث اخذ يعزف (المشارف والسماعيات واللونجات والتقاسيم والدولاب والتحميلة) وبذلك ضمن لنفسه قدرا من الارتباط بالروح العربية ، واضاف الهاشمي :
جميل بشير .. عازف كبير وله قطع موسيقية رائعة ، كما انه عزف كل قطع الشريف حيدر كما عزف لكبار الموسيقيين العرب وفي طليعتهم : محمد عبد الوهاب والقصبجي وفريد الاطرش ورياض السنباطي ، الى جانب ذلك ان جميل بشير تولى الاشراف على استديو انشأه بنفسه فأخذ يسجل الفلكلور العراقي حيث قام بتنظيم هذا الفلكلور وتقديمه بأصوات فردية وجماعية عراقية ، الى جانب انه لحن الاناشيد والقطع الوطنية وتولى تقديم ناظم الغزالي مطرب العراق الكبير في انصع صورة موسيقية ، وايضا تولى تقديم الحان كبار الملحنين العراقيين من امثال يحيى حمدي ورضا علي وسمير بغدادي واحمد الخليل وناظم نعيم وعلاء كامل وسواهم .
واستطرد الهاشمي في حديثه قائلا :
وتعتبر طريقة العزف عند جميل بشير هي الاقرب الى الوجدان العراقي عن غيره من العازفين الذين ينتمون الى مدرسته ، ولقد كتب (ميثود) (منهج للعود) يعتبر من ابرع ما كتب للعود ، ولقيمته الاساسية فهو يدرس في معاهد العراق كافة ، الى جانب انه اسهم بقدر وآخر في ترقية العود .. لماذا ؟ ، لانه بالاصل هو عازف على آلة الكمان ، حيث نقل تقنية الكمان الى آلة العود .
اما الدكتور هيثم شعوبي فقال :
يعد الموسيقار الكبير جميل بشير احد اعمدة الموسيقى العراقية وهو من اوائل تلاميذ الشريف محي الدين حيدر مؤسس وعميد معهد الفنون الجميلة الى جانب اخيه الفنان منير بشير وسلمان شكر وغانم حداد وامين خاكي ، هؤلاء يعتبرون من التلامذة الذين ارسوا دعائم مدرسة العود العراقية ، وفي طلائع هؤلاء جميل بشير حيث استطاع ان يقدم لطلبة المعهد (ميثود) وبجزءين بطريقة التقنيات عن آلة العود وتطورها من خلال وضعه لمجموعة من المؤلفات الموسيقية استطاع بها ان يتقدم الى مرتبة عالية من التقنية حولها من آلة مصاحبة للغناء الى آلة تعبر عن نفسها من خلال التقنية العالية
واضاف الدكتور هيثم :
وجميل بشير يعد ايضا من الاوائل الذين لديهم استديو في بغداد في الستينيات ، وكان منافسا وحيدا للاذاعة والتلفزيون ، فالكثير من الاغاني التي لحنها ناظم نعيم لناظم الغزالي بالاضافة الى الاغاني التراثية القديمة قام بتوزيعها توزيعا جديدا ، كان التوزيع جديدا على الاغنية العراقية ولم يعرف عنها انها توزع ، ايضا ان جميل بشير معروف عالميا وفي تركيا التي هي بلد العود والموسيقى ، كما هو معروف في العالم الشرقي الى جانب اخيه منير بشير ، كما ان (ميثوده) الذي نقله حبيب ظاهر العباس من التركية الى العالمية يعد مرجعا اساسيا للكليات والمعاهد لما له من تقنية عالية ، كما ان جميل من اوائل الذين قاموا بتدريس العود في المعهد في اربعينيات القرن الماضي بعد الشريف حيدر بعد ان تفوق على دفعته .
الدكتور هيثم قال ايضا :
من الطريف ان اذكر ان لجميل بشير معزوفة عنوانها (ليت لي جناح) الفها وطلب من الذين يستطيعون عزفها بتقنية عالية ان يعطيه جائزة ، في ذلك الوقت قال (25) دينارا ، وكان يتحدى بها عازفي العود .
وقال المطرب جواد محسن :
يتميز المنهج الموسيقي لدى جميل بشير بكونه تمثل الاساليب التي سبقته ، وهو اسلوب يبتعد عن اسلوب الاقتباس او المحاكاة الفجة ، اذ هو يتعامل مع المعطى المعرفي للافكار الموسيقية باعتباره تراكما وجدانيا ينحى باتجاه تشييد بنى معمارية تكون الهيمنة فيها لروح العازف التي تقوده الى ذرى اللامتوقع بموازاة قدرته على تطويع تقنيات العزف المبهر ، واضاف :
ان جميل بشير هو الامتداد الزمني لمدرسة الشريف محيي الدين حيدر وهذا يعني ان المنجز الاول المكتمل والمفتوح على امكانيات الاضافة اللاحقة وجد في فكر جميل بشير ما يجعله اكثر قدرة على خلق توازنات وانشاءات جديدة اعطته صفة الديمومة ، اذ لولا هذا الفهم الجديد لكان لمنجز الشريف محيي الدين حيدر ان يبقى اسير شكلانية لا تلامس نبض الواقع الذي يلح على انتاج حاجات جديدة ، ومن الخصائص الكبرى في موسيقى جميل بشير انه لم يضح باللحظة الراهنة التجديدية لحساب تاريخ غير واضح المعالم، لقد استوعب جميل بشير المنجز الحديث من دون ان يفقد ملامح شخصيته بل على العكس كان ثمة حوار مستمر بين لحظتين زمنيتين استطاع بمهارة عالية ان يلجم تضادهما التاريخي .
استطرد جواد قائلا :
اذا كان عود زرياب يتميز بانه اخف وزنا من عود استاذه اسحاق الموصلي كما قيل لهارون الرشيد ، فان عود جميل بشير الذي اهداه له الشريف محيي الدين حيدر الذي صنعه (الاسطة) علي العواد كان غاية في الاتقان الامر الذي جعل من ادارة متحف اللوفر في فرنسا تطلب عرضه في احدى قاعاتها، الامر الذي رفضته عائلة جميل بشير التي ابدت رغبتها في عرضه في المتحف العراقي.
الختام ثمة سؤال : كيف يمكن لنا ان نحفظ ونحافظ على تراث كبار المبدعين واعادة نشره على الناس مجددا من اجل الفائدة والاستزادة بالمعرفة والمتعة ، متى يمكن للمؤسسات الفنية والثقافية ان تضع نصب اعينها الاهتمام بما قدمه الموسيقار جميل بشير كواحد من كبار الموسيقيين العراقيين المؤثرين ، هل ثمة جواب ؟ !!.
من زملاء المرحوم ناظم الغزالي الذين عاشوا معه سنوات دراسته في معهد الفنون الجميلة الاستاذ عبد الوهاب الشيخلي الذي يتذكر قائلا: جلسة بمعهد الفنون الجميلة اسمعني الفنان جميل بشير عدة قطع موسيقية من تاليفة و منها كلاويش .. مقطوعة موسيقية و هي اسم نجمة تسطع في شهر رمضان . عبر عنها جميل بعوده فاجاد و نجح نجاحا عظيما.
اندلس و هي مقطوعة موسيقية اعتمد في تاليفها على ذوقه و براعته في العزف على العود بالاصابع العشرة دون الاستعانة بالريشة الخاصة بالعود. قيثارتي.. سار فيها على منوال الموسيقى التي تؤدى على كيتار جزر الهاواي.
و انتهت الجلسة بائيستود خاص بالة العود . اعتمد فيه على التقنية العالية في العزف. ان هذه المقطوعات تمثل نخبة من مؤلفات الفنان الراحل جميل بشير الذي يعد من افضل تلاميذ الموسيقار العربي النابغة مؤسس معهد الفنون الجميلة ببغداد الشريف محي الدين حيدر. و في عام 1954 بدا الفنان الراحل جميل بشير في وضع و تنفيذ اغان رائعة للفنان الراحل ناظم الغزالي و اصبح اسمه على كل لسان في الوطن العربي. لقد لاحظنا ان اغنية فوق النخل فوق مثلا قد احيطت باطار موسيقي و ايقاعي جديد. و كانت هناك الات موسيقية اوربية قد ساهمت في اداء تلك الاغنية الى جانب الاالات الموسيقية العربية المعروفة، و كان الانسجام في الاداء رائعا و متقنا.
ان جميل بشير من خلال تلك الاسطوانات لناظم الغزالي قد استطاع ان يضرب لنا مثلا جديدا و رائعا دون اية ضجة مفتعلة، فهو بالاضافة الى تاليفاته الموسيقية الكثيرة و المتعددة للعود و الكمان و الفرق الموسيقية المتطورة و تقديمه للمقام العراقي باسلوب جديد و متطور. ان الدور الذي قام به الفنان الراحل جميل بشير سوف ينبه الاذهان الى اهمية تطعم اغانينا بروح جديدة تنسجم مع روح العصر و ربما ادت اذاعة هذه الالوان الموسيقية و الغنائية الى خلق حركة موسيقية غنائية شاملة نحن في امس الحاجة اليها، لهذا فعلى اثر سماعي للاغاني التي سجلها المطرب الراحل ناظم الغزالي لحساب شركة جقماقجي عام 1954 باشراف الفنان الراحل جميل بشير. اتصل بي تلفونيا و طلب مني ان ابدي له رايي في تلك الاغاني.. و لما باركت له تلك الخطوة الفنية الرائعة اكد لي ناظم الغزالي ... انه سوف يواصل المسيرة في مجال تطوير الاغنية العراقية دون التعرض بالمقام العراقي الذي يجب ان يبقى على حاله باعتباره فنا غنائيا متوارثا يحمل في ثناياه رائحة و نكهة الماضي و حضارة وادي الرافدين.
يضيف الاستاذ عبد الوهاب الشيخلي عن علاقة المرحوم الغزالي بالمقام العراقي:
بدا ناظم الغزالي حياته الفنية بالانتماء لمعهد الفنون الجميلة ببغداد في نهاية الاربعينيات و من غريب المصادفات و المفارقات انه اختار فرع التمثيل و ليس فرع الموسيقى. و كنا نلتقي في تلك الفترة في المعهد و نخرج معا مشيا على الاقدام من مقر المعهد الواقع قرب شارع الزهاوي و حتى ساحة باب المعظم. و كانت احاديثنا تتناول الامور الفنية و الطموحات. و رغم انه شارك في بعض التمثيليات الهزلية التي كانت تقدمها (فرقة الزبانية) و كانت الشخصية التي اختارها زلية تمتاز بثقل اللسان الا انه لم ينل النجاح الذي كان يطمح اليه لذا كان من اوائل الذين ساهموا في فرقة (انشاد الموشحات الاندلسية) التي اسسها المرحوم الشيخ علي الدرويش في الاذاعة العراقية في اواخر الاربعينيات و قد حاول منذ ذلك الحين ان يزاول الغناء و لكنه سرعان ما تحول عن ذلك و توجه نحو المقام و البستة العراقية. فبدات الانظار تتوجه اليه و استقطبت حفلاته الحية الجمهور العراقي خاصة و انه كان يعتمد اختيار الشعر المناسب و الاغنية الخفيفة و كان يسعى دوما الى خلق جو من روح التعاون و الاخوة بينه و بين الموسيقيين العاملين معه. و كان اعتماده على الفنانين الاخوين منير بشير و المرحوم جميل بشير و الفنان المرحوم حسين عبد الله من اهم اسباب نجاحه. و اذكر اننا دعينا ذات يوم الى شركة جقماقجي لسماع الالوان الجديدة التي سجلها ناظم الغزالي تحت اشراف الفنان جميل بشير عام 1957 ففوجئنا بتلك الخطوة التي وضعت ناظم الغزالي على اعتاب الشهرة و العطاء الاجود
حياته
جميل بشير موسيقي من العراق ولد في مدينة الموصل 1921 وتعلم العود منذ صغره حيث كان والده يعزف على آلة العود إلى جانب كونه صانعا لها. وعند تأسيس معهد الموسيقى سنة 1936 كان الفنان جميل بشير ضمن الدوره الأولى حيث درس العود على يد المعلم الكبير المرحوم الشريف محيي الدين حيدر وكان في نفس الوقت يدرس آلة الكمان على يد الموسيقار سانودو آلبو وقد كان متميزا في كلا الآلتين. تخرج عام 1943 من قسم العود وعام 1946 من قسم الكمان وبدرجة امتياز وتعين في المعهد سنة 1943 لتدريس آلة العود ومساعدا لتدريس الكمان وهو في الصفوف المنتهية حيث قام بتدريس الكمان الشرقي وقد شغل رئاسة قسم الموسيقى والإنشاد استمر الفنان جميل بشير بدراسة التراث والمقامات العراقية والأنغام والإيقاعات العربية والعراقية مما أدى لظهور الأستاذ جميل بشير بهذا الشكل حافظا لتراث الموسيقى العربية والتركية ومؤديا على العود والكمان وبإجاده الموسيقى العراقية الصرفه التقليدية وقد أضاف التكنيك وسلامة ذوقه الموسيقي ورونق الحليه وخبرته المختزنه. تميزت موسيقى جميل بشير بملامح عراقية صرفه وأصيله حيث كان كثير العطاء فقد كان مثال للفنان المثقف والمعلم البارع والمؤلف الباهر والعازف المتمكن المتقن على العود والكمان. والجدير بالذكر بأن أبرز طلبته كانوا أساتذه للموسيقى العراقية في بعده مثل غانم حداد ومنير بشير وعلى الإمام وكذلك شعيب إبراهيم الملقب ب “شعّوبي”. كان إنتاج جميل بشير كبيرا ومتنوع فقد دون المقامات العراقية وعزفها على الكمان والعود وصاحب أغلب مطربي العراق العظام على آلة الكمان وسجل الكثير من القطع الموسيقية الكلاسيكية ومن مؤلفاته أيضا بعوده المتميز كذلك سجل الكثير من الأغاني العراقية والأغاني الكردية. الأستاذ جميل بشير كان يؤلف ويغني باللغة الكردية وكان مؤديا بارعا ولكنه فضل الاستمرار في العزف متخليا عن الغناء وله بعض المؤلفات الموسيقية منها كتاب بعنوان ” العود وطريقة تدريسه ” 1961، وقد كان من جزئين كما لحن العديد من الأناشيد المدرسية وعمل في مجال الإذاعة والتلفزيون كرئيس للفرقة الموسيقية ورئيس للقسم الموسيقي. وقام بجولات فنية عديدة وسجل خلالها العديد من مؤلفاته لعدة إذاعات عربية وأجنبية وقد أقام فترة طويلة في الكويت مما أدى لتسجيل الكثير من أعماله على العود مثل سماعي نهاوند وسماعي ديوان “حسيني” وبنت الشمال وتقاسيم عراقية وسوريه وكويتية كذلك والعديد من الأغاني التراثية وملاعب النغم وكذلك بعض القطع الكلاسيكية على الكمان مثل سماعي محير ورقص الهوانم. مما لاشك فيه بأن الأستاذ جميل بشير كان من أبرز من أثروا الموسيقى العربية وبهمة عالية وبدون توقف إلى ساعة وفاته وقد أثر في الكثير من الموسيقين من بعده فكان نقطة تحول بالنسبة لهم وبالنسبة لآلة العود كذلك. رحل الأستاذ جميل بشير إلى عالم الخلود في 27/9/1977 في لندن
جميل بشير
الموسيقار الآشوري ال
فذ شقيق الموسيقار منير بشير ابن الشماس عزيز بشير عازف و صانع الأعواد
باقلام اخري
.
ولد الفنان جميل بشير في مدينة الموصل 1921 و تعلم العود منذ صغره حيث كان والده يعزف على آلة العود إلى جانب كونه صانعا لها . و عند تأسيس معهد الموسيقى سنة 1936 كان الفنان جميل بشير ضمن الدوره الأولى حيث درس العود على يد المعلم الكبير المرحوم الشريف محيي الدين حيدر و كان في نفس الوقت يدرس آلة الكمان على يد الموسيقار سانودو آلبو و قد كان متميزا في كلا الآلتين . تخرج عام 1943 من قسم العود و عام 1946 من قسم الكمان و بدرجة إمتياز و تعين في المعهد سنة 1943 لتدريس آلة العود و مساعدا لتدريس الكمان و هو في الصفوف المنتهية حيث قام بتدريس الكمان الشرقي و قد شغل رئاسة قسم الموسيقى و الإنشاد. إستمر الفنان جميل بشير بدراسة التراث و المقامات العراقية و الأنغام و الإيقاعات العربية و العراقية مما أدى لظهور الأستاذ جميل بشير بهذا الشكل حافظا لتراث الموسيقى العربية و التركية و مؤديا على العود و الكمان و بإجاده الموسيقى العراقية الصرفه التقليدية و قد أضاف التكنيك و سلامة ذوقه الموسيقي و رونق الحليه و خبرته المختزنه . تميزت موسيقى جميل بشير بملامح عراقية صرفه و أصيله حيث كان كثير العطاء فقد كان مثال للفنان المثقف و المعلم البارع و المؤلف الباهر و العازف المتمكن المتقن على العود و الكمان. والجدير بالذكر بأن أبرز طلبته كانوا أساتذه للموسيقى العراقية في بعده مثل غانم حداد و منير بشير و على الإمام و كذلك شعيب إبراهيم “شعوبي” . كان إنتاج جميل بشير كبيرا و متنوع فقد دون المقامات العراقية و عزفها على الكمان و العود و صاحب أغلب مطربي العراق العظام على آلة الكمان و سجل الكثير من القطع الموسيقية الكلاسيكية و من مؤلفاته ايضا بعوده المتميز كذلك سجل الكثير من الأغاني العراقية و الأغاني الكردية . الأستاذ جميل بشير كان يؤلف و يغني باللغة الكردية و كان مؤديا بارعا ولكنه فضل الإستمرار في العزف متخليا عن الغناء و له بعض المؤلفات الموسيقية منها كتاب بعنوان ” العود و طريقة تدريسه ” 1961 , وقد كان من جزئين كما لحن العديد من الأناشيد المدرسية و عمل في مجال الإذاعة و التلفزيون كرئيس للفرقة الموسيقية و رئيس للقسم الموسيقي . و قام بجولات فنية عديدة و سجل خلالها العديد من مؤلفاته لعدة إذاعات عربية و أجنبية و قد أقام فترة طويلة في الكويت مما أدى لتسجيل الكثير من أعماله على العود مثل سماعي نهاوند و سماعي ديوان “حسيني” وبنت الشمال و تقاسيم عراقية و سوريه و كويتية كذلك و العديد من الأغاني التراثية و ملاعب النغم و كذلك بعض القطع الكلاسيكية على الكمان مثل سماعي محير و رقص الهوانم . مما لاشك فيه بأن الأستاذ جميل بشير كان من أبرز من أثروا الموسيقى العربية و بهمة عالية و بدون توقف إلى ساعة وفاته و قد أثر في الكثير من الموسيقين من بعده فكان نقطة تحول بالنسبة لهم و بالنسبة لآلة العود كذلك . رحل الأستاذ جميل بشير إلى عالم الخلود في 27/9/1977 في لندن.
من مؤلفات الأستاذ : بشرف سيجاه , سماعي ديوان و صبا و يكاه , كابريس , أندلس , قيثارتي , همسات . لونجا فراق , ملاعب النغم , تأمل حيره , رقصة جمانا , أيام زمان , صدفه , شارع الخليج .
بعض مؤلفات جميل بشير
بشرف سيكاه / سماعي ديوان / سماعي راست / سماعي نهاوند / سماعي جهاركاه / سماعي صبا / سماعي يكاه / لونجا فراق / كابريس / ملاعب النغم / تامل / فردوس / قطرات / في الغروب / حيرة / عيناك / مرح الشباب / شروق / جنيد / رقصة جمانا / هيرمان / موسقي شاردة / أيام زمان / صدفة / بداية حب / ذات الخلخال / اندلس / سامبا حائر / قيثارتي / همسات
س :ــ هل رصد الفنان جميل بشير من العباقرة الأقلاء في العزف على آلة العود. وقد قرأت يوماَ أن له مؤلف سماعي نهاوند يحاكي به سماعي نهاوند للشريف، وقد نشر نوطته في الصحف العراقية محدداً مبلغاً من المال لمن يستطيع عزفه ؟
ج :ــ نعم هذه حقيقة فعلا فقد فقد قدم نوتة سماعي نهاوند من تأليفه في إحدى الجرائد اليومية العراقية في تلك الفترة والتي رصد لها جائزة مالية قدرها 10 دنانير عراقية وهو مبلغ لايستهان به في وقته وذلك كمكافأة للعازف الذي يستطيع عزف هذا السماعي.والواقع ان هذا السماعي جاء كتأثر واضح بسماعي نهاوند للأستاذ مسعود جميل, وليس تأثراً بسماعي نهاوند للموسيقار محي الدين حيدر.فلكلا السماعيين مصاغة خانتهم الرابعة على وزن 7/8 وهو من حيث المستوى الدراسي, نستطيع أن نعتبره من الأعمال الصعبة للآلة العود بمعنى يحتاج من لدن الطالب المؤدي تفوق تقني في العزف على آلة العود, إضف لذلك استخدام مدى صوتي واسع في تلحينهُ وخصوصاً في الخانة الرابعة.
هذه تقاسيم نهاوند للأستاذ الراحل جميل بشير بعوده المرفوع أوتاره خامسة تامة عن تسوية العود الحالية والمتبعة في المعاهد الموسيقية ونلاحظ هنا حسن إستعمال الريشة بأسلوب مرهف ورقيق - صد ورد - ومن ثم إستخدام الزحف على زند العود بشكل رشيق وشاعري أجمل الاوقات مع هذا التقسيم .
http://sama3y.net/forum/attachment.php?attachmentid=67443&d=1196895637عزف رائع يختمه بلحن البنت الشلبية -اصل هذا اللحن من التراث الشامي
http://sama3y.net/forum/attachment.php?attachmentid=108472&d=1222715234يا طيره طيري، يا مال الشام، يا شادي الألحان و أغنية من التراث العراقي
http://sama3y.net/forum/attachment.php?attachmentid=108804&d=1222821666لجميل بشير . عزف على العود.رقص الهوانم .
http://sama3y.net/forum/attachment.php?attachmentid=116165&d=1226509070و هذه مقطوعة يعزفها جميـــل بشـــير على عـــوده مع الفرقة الموسيقية في مقدمة إحدى الحفلات
ربيتك زغيرون حسن ثم قطعة لاووك
http://sama3y.net/forum/attachment.php?attachmentid=125175&d=1232220955أشرف الموسيقار الراحل جميل بشير
على توزيع و عزف على ألة الكمان في جميع أغاني الكبير أوشانا يوئيل مرزا .
اخيرا .. انتشرت رسالة جميل بشير العاشق الذي ضم العود الي صدره فاصبح له بمثابة ضلوع واوتاره انهار عذبة من الاحاسيس وانغامه الساحرة التي كانت تختاره حينا وكان يختارها احيانا كثيرة فترك للموسوعه الشرقيه اجل ما يكون في علم العود ورسالة استمراره .. تحية من موقع امبراطورية العود لهذا الفنان الراحل الخالد الذكر